حكم الماني فاحش وجبان في منتهى الظلم والعنصرية يفضح هنا لاول مرة رغم محاولات المخابرات الالمانية بمساعدة المغربية وسحرتها وبلطجيتها سنوات وليزالون منع ايصال هذه الحقيقة

المخابرات المغربية وسلاح الجنس

جهاز سري خطير يتجسس على كل شيئ و تجده في كل مكان


عالم مضمونه إستخباراتي مُحاط بالغموض والسواد، وجوهره إرهابي مافيوزي بكل ما تحمل الكلمة من معنا والسبب هو عدم وجود قانون يُؤطر عمل هذا الجهاز ويُحدد مهامه ،مما جعله يستغل هذا الفراغ القانوني ويقوم بالبطش والجور وتجاوز القانون في المهام المسندة له. 

  يتوفر المغرب على 15جهازا استخباراتي بالإضافة إلى ملحقاتها وتفرعاتها ومكاتب التنسيق بينها ،في بناء معقد،نبين ملامحه للشعب الذي له حق معرفة هذه الأجهزة التي تستنزف ميزانيات ضخمة.
بالنسبة لوزارة الداخلية تتوفر على خمسة أجهزة مخابرات

أولاها مديرية الشؤون العامة برئاسة السيد نور الدين بن إبراهيم وهو البنية التحتية لكل أجهزة المخابرات المغربية ،ويعمل حاليا بحرفية عالية وكفاءة تستحق التنويه،مهمته جمع وتصفية وتصفيف المعلومات البسيطة والخام حول المواطنين، القادمة من سلسلة الوالي والباشا والقائد والشيوخ والمقدمين .
ويتوفر هذا الجهاز على تغطية كاملة لكل التراب الوطني،له مكاتبه لدى جميع المصالح الخارجية لوزارة الداخلية أي في كل عمالة أو باشوية أو قيادة تجد مكتب الشؤون العامة وهو جهاز يحترم عمله، ويعمل وفق الحس الوطني.
كما تتوفر وزارة الداخلية على جهاز الاستعلامات العامة.وهو تابع للسيد عبد الجليل بن عبدون مكلف بجمع المعلومات السياسية في المجال الحضري كما تتكلف بتغطية كافة المظاهرات وجميع النشاطات الحزبية وجمعيات المجتمع المدني كما انه يتوفر على قسم مهم مكلف بالتنسيق مع مجموعة من الناشطين لإحراج الأعداء في المجال الحقوقي هم يتواجدون في مركز مارشي النوار للأمن بالرباط.
كما أصبحنا نلاحظ في الشارع العام ظهور فرقة جديدة تابعة لهذا الجهاز تتكلف بتصوير المتظاهرين.
وهناك مديرية الشؤون الملكية وهي مكلفة بتوريد الموارد البشرية المكلفة بحماية الملك والأسرة الحاكمة في جميع القصور و الاقامات الملكية. كما تهتم بمراقبة تحركات الحراس وحمايتهم من أجهزة التجسس الأجنبية .
وهناك المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني أو أصحاب الغابة ، وهو جهاز مكلف بمكافحة التجسس داخل المملكة ومراقبة جميع الأعمال والنشاطات التي يمكنها أن تمس بسلامة الدولة السياسية والأمنية و الاقتصادية أو العلمية .
ويتكون هذا الجهاز من مكتب للمدير العام ومصالح مركزية. بالإضافة إلى مصالح جهوية.
كما تتوفر الإدارة العامة لمراقبة التراب على جهاز مهم ملحق بالمصالح المركزية وهو مديرية شرطة الاتصالات والموجات وهو مركز للتصنت على المكالمات ومراقبة الانترنت و الموجات الرادارية والرنينية وهو عبارة عن جهاز يتوفر على قاموس من الكلمات بأغلب اللغات المتوفرة في المغرب ،بحيث أن كل مكالمة تتضمن كلمة مشبوهة مثل جيش ، سلاح، ملك… يتم تسجيلها تلقائيا ليتم إعادة تحليليها. وهو جهاز محترم يتم الولوج إليه وفق معايير الكفاءة .
هذا في ما يتعلق بالأجهزة التابعة لوزارة الداخلية وبصفة عامة لازالت تسيطر على الوضع ومتغلغلة داخل النسيج الاجتماعي والسياسي المغربي.
أما الأجهزة الاستخباراتية التابعة للجيش فاغلبها يعمل إلى جانب أو مع أو تحت إمرة إدارة الوثائق و المستندات التابعة للسي ياسين،
لادجيد،هذا الجهاز مكلف بالتجسس أينما كانت مصالح المغرب، كما انه مكلف بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الخارجية في القضايا المشتركة ويتوفر على مصالح خارجية خصوصا الملحقين الدائمين بالبعثات الدبلوماسية وهي تابعة لمصلحة المدير العام
كما تتوفر على ثلاثة أجهزة مخابرات تابعة للإدارة المركزية وهي مصلحة التنفيذ تابعة للسيد الزاوي وهو من أكثر اطر الجيش المغربي كفاءة ، مهمة هذا الجهاز هو العمل في الميدان والتدخل السريع عبر فرق كوموندو من اجل الحفاظ على مصالح الوطن العليا وهو جهاز يعمل بحرفية عالية .
كما أن هناك مديرية مكافحة التجسس وهو الخلية النائمة داخل الجيش المغربي حيث تعمل بشكل سري للغاية وتنسق مع مراقبة التراب في نفس الموضوع ، تعمل بكثافة لكن في الظاهر صمت وسكون رهيب إنها تشبه كثيرا طريقة عمل الاستخبارات السوفيتية ،أو طريقة الصندوق .بحيث لا احد مهما كانت رتبته يعلم ما يجري داخله.لكن نقطة ضعفه هو تنسيقه مع مراقبة التراب . مما يشكل خطورة على أسرار الدولة وسلامة الجواسيس المغاربة،كما تتبع للإدارة المركزية للاديجد ،مديرية الاتصالات هو جهاز مكلف بتنسيق الاتصال وحماية الوسائط الاتصالية بين كافة مصالح الجهاز الأب.
بصفة عامة مديرية الوثائق والمستندات لازالت بسلام وتشرف الأمن القومي المغربي.
كما يتوفر المغرب على جهاز استخباري تابع للدرك الملكي وهو تابع للكولونيل اليازيدي وهو يعمل على جمع المعلومات داخل جسم الدرك وكذلك يعمل على جمع المعلومات في الاماكن التي لا تتوفر فيها الادارة العامة لمراقبة التراب الوطني على مراكز دائمة ، هذا الجهاز يتوفر في الرباط على عدة أقسام منها قسم حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني ،وللإشارة فهذا القسم لا يؤسس جمعيات و لا ينسق معها ، بل يجمع المعلومات عنها من بعيد.
كما يتوفر المغرب على جهاز أخر مرتبط بالجيش اسمه المكتب الثاني ، مرؤوس من طرف الكولونيل ماجور حمدان ، وهو جهاز مكلف بالاستخبار في المراكز الحدودية ،والتنسيق مع مراقبة التراب و لاديجد في نفس الموضوع ،كما يوجد جهاز اسمه المكتب الخامس وهو مرتبط كذلك بالجيش تحت قيادة الجنرال دوبريكاد محمد معايش وهو مكلف بجمع المعلومات حول الجنود والثكنات وكل الجسم العسكري.
وهناك جهاز أخر مخضرم وهو تابع نظريا لوزارة الداخلية ، تحت إمرة القوات المساعدة لكن يسيطر عليه الجيش ، يعمل تحت إمرة الجنرال كوريمة ، له مهام ثلاثية الأبعاد داخل المدن والقرى والمراكز الحدودية . 

هذا بالإضافة إلى جهازين آخرين مرتبطين بالجيش، الأول اسمه امن المنطقة الجنوبية تحت إمرة الكولونيل بولعوينات والتاني اسمه امن المنطقة الشمالية تحت قيادة الكولونيل السحري ولا نعلم لحد الآن نوعية ولا طبيعة الاختصاص.

                     المخابرات المغربية وسلاح الجنس
  
            كيف وظفت المخابرات المغربية سلاح الجنس للإيقاع بألذ أعداء النظام ؟  

تمكنت "دليلة" اليهودية أن تأسر عدو بني إسرائيل "شمشون" الجبار.. إنه مدخل قصة "دليلة وشمشون"، وهي من أشهر الحكايات التي أبرزت دور المرأة في التجسس وإسقاط القائد القوي في حبال أعدائه الضعفاء.
مغزى هذه القصة أن العلاقات الجنسية قد تشكل سلاحا قاتلا.. فيما كانت "دليلة" تضم "شمشون" إلى صدرها وتهمس في أذنيه بكلماتها الجميلة الجذابة، اطمأن لها وفتح قلبه وكشف لها عن سر قوته، وبذلك كان هلاكه من حيث لا يدري.. فليس غريبا إذن، أن تستعمل المخابرات النساء في عملها، فهذه ممارسة
معروفة ومعمول بها ضمن كل الدواليب السرية.
لقد صال وجال عميل المخابرات، أحمد البوخاري، في مذكراته، التي أسالت الكثير من المداد واللعاب، لتبيان كيف أخرست المخابرات المغربية، على امتداد ستينات وسبعينات القرن الماضي، حوار المقاهي وقهقهات الطلبة والشباب خلال التظاهرات وفي الساحات العمومية، وجعلت العديد من عناصر النخبة السياسية والمبدعين والصحفيين والنقابيين يطفون على بحر من الخشية والخوف بعد أن "اشترتهم" بالوعد والوعيد وتوريطهم في "كبسات" أخلاقية علقت فوق رؤوسهم سيف "ديموقليس" المستعد ليهوي على الرقاب في أية لحظة وحين.
فلا يخفى على أحد أن المال والنساء، من أهم الأسلحة القذرة التي تستخدمها المخابرات في استقطاب عملائها أو للوصول إلى المعلومات المتوخاة، ووسيلتها هي الرذيلة والإغراء، و"آلياتها" هي استخدام الجسد الأنثوي وغنج المرأة وجمالها.
فالدعارة كانت دائما في خدمة المخابرات والسياسيين معا.
لقد كان الجنس والنساء سببا في إسقاط الكثير من الضحايا في شباك المخابرات، فمنذ تأسيس المخابرات المغربية في فجر ستينات القرن الماضي أيقن القيمون عليها أن النساء والجنس، عنصران مهمان في عملية التجسس وجمع المعلومات وترويض أعتى المعارضين، وقد كشف عميل "الكاب 1"، أحمد البوخاري، نوازل كثيرة، لم يكن ليتصورها المرء، وقد همت أشهر زعماء المغرب السياسيين.
ظلت المخابرات عندنا لا تقتصر على التنقيب عن المعلومة بجميع الوسائل، وإنما تعمل على خلق أحداث ونوازل لاستخدامها عند اللزوم ضد هذه الجهة أو تلك، أو لاستعمالها للي ذراع هذه الشخصية الوازنة أو تلك.
وفي هذا الصدد لعبت المرأة دورا محوريا، سواء علمت المعنية بالأمر ذلك أم لم تعلمه.
واعتبارا لأن الجنس، في تاريخ المخابرات المغربية، ظل يعتبر أسرع الطرق للتقرب ونسج المصائد، لم يتورع القيمون عليها في مختلف المديريات والمصالح الأمنية عن اللجوء إلى فتيات جميلات، عاهرات أو غير عاهرات، للقيام بدور الوسيط والأداة لوضع اليد على معلومة أو لتوريط شخصيات وازنة ومسؤولين وإعدادهم للتعامل و"التعاون" إما طوعا أو كرها.
هناك عميلات للمخابرات استخدمن أجسادهن وغنجهن ليسقطن ضحاياهن في الوهلة الأولى.. تبدي إحداهن استسلامها للشخص المستهدف لإشباع جوعه الجنسي، فتشل إرادته وتحاصره، ومن ثم يسقط مباشرة في الكمين.. غالبا ما تتصرف "العميلة" باحترافية بين أحضان ضحيتها بعد إسقاطها إلى أقصى حالات الضعف "اللحظي"، وغالبا ما تكون بعيدة عن الإحساس بالمتعة وهي تقوم بمهمتها، فالجنس عندها وسيلة فقط لا هدف.
عاهرات قمن بإسقاط شخصيات بين أيدي المخابرات على طبق من ذهب، فكيف تم استعمال العاهرات وإعدادهن من طرف عناصر المخابرات للعب دورهن على أحسن وجه، سنرى كيف يتم استقطابهن والأماكن التي ينشطن فيها وطرق استعمال المرأة والجنس من طرف المخابرات ثم الختم برأي أحد المهتمين بشؤون المرأة بهذا الخصوص، محمد الحنفي.
"سين" المخبرة رغما عنها
بقياسات المخابرات، تعد الآنسة "سين" فرصة ثمينة، فهي فتاة فقدت موقعها الاعتباري بين أهلها ومعارفها بسبب الاعتقال والحجز لمدة ثلاثة أو أربعة أيام بمخفر الشرطة.. كانت تلميذة بثانوية شوقي بالدار البيضاء بقسم الباكالوريا في منتصف السبعينات...
اعتقلت على إثر هجوم قوات القمع على الثانوية التي كانت في إضراب غير محدود... بهدلت واستنطقت رغم أن لا علاقة لها بالإضراب أو السياسة أو الشغب الحاصل داخل الثانوية.. كانت تلميذة وكفى، همها الحصول على الشهادة لمغادرة المؤسسة بدون رجعة، ولم تكن تربطها أدنى علاقة بمن كانت تنعتهن الإدارة بالمشاغبات و"رؤوس الفتنة"، ومن طرف البوليس ب "المدفوعات من طرف جهة لخلق القلاقل بالبلاد".
كل هذه المعيطات لم تكن لصالحها وإنما ضدها، من ثم عمل رجال القمع على استدراجها للتعاون معهم دون أن يمنحوها فرصة للتفكير. خصوصا وأنها تلميذة "داخلة سوق راسها" في ثانوية أقلقت رجال الأمن والقائمين على المدينة من جراء تحركاتها النضالية القوية، في ظرف كانت كل المؤسسات التعليمية تغلي بالدار البيض، شكلت ثانوية "شوقي" أحد المراكز النابضة لحركة الشبيبة المدرسية آنذاك.
لم تكن الآنسة "سين" وقتئذ في حاجة لتغطية أو تدريب، فما عليها سوى جمع المعلومات المطلوبة وإبلاغها لأحد رجال الأمن.
لقد استغل ضابط "الديستي" لحظة غرقها في اليأس والشعور بالضياع والظلم لاستقطابها ب "نصف كلمة" كما يقال، عازفا سامفونيته على أوتار التهديد والوعيد، تاركا مبدأ الرحمة والنزاهة ونداء الضمير، ما دام عمله - ونحن في خضم سنوات الجمر والرصاص - قد أفقده مثل هذه العواطف.
هكذا سقطت "سين" في المصيدة رغم أنها كانت بريئة من الشغب، براءة الذئب من دم يوسف، ما دامت أبعد ما تكون عن "مشاغبات" ثانوية شوقي اللائي كن ينعتنها بالجبانة وعديمة الشخصية والروح النضالية.. أسلمت "سين" أمرها للضابط الذي عين لها طبيعة المعلومات الواجب الاهتمام بها وخصت بالأساس تحركات بعض التلميذات بالثانوية في بداية الأمر.
اجتهدت "سين" لتبدو ممتثلة لما طلب منها معتقدة أن الأمر مقتصر على فترة الإضراب، وأن المياه سترجع إلى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث ما دام ذلك لا يمت بصلة إلى "السياسة" التي كانت تعتبر "أم التهم" في ذلك الوقت.
تكلفت "سين" بمراقبة مجموعة من التلميذات وتقصي أخبارهن، سيما اللواتي كن يؤرقن إدارة المؤسسة بنضاليتهن وتأثيرهن على التلميذات والتحكم في الثانوية، سواء بالنسبة للتلميذات الداخليات أو الخارجيات.
بدأت قصة الآنسة "سين" عندما اعتقلت في بداية السبعينات بعد تدخل قوات الأمن لفك اعتصام داخل ثانوية شوقي. مكثت ضيفة لدى الشرطة القضائية بضعة أيام، ثم أفرج عنها بعد تكليفها بمهمة: تتبع حركات وسكنات مجموعة من التلميذات، ضمنهن فاطنة البويه.
تقول "سين".. كان أحد عناصر المخابرات بزي مدني، يتصل بي عندما أبتعد عن الثانوية، على حين غرة، وأنا في طريقي إلى المنزل ثم يستفسرني عن تحركات التلميذات "المشاغبات" بالثانوية وعن الأشخاص الذين يتصلون بهن في خزانة المركز الفرنسي المقابل للثانوية.. استمر الوضع على هذا الحال إلى حدود اقتراب إجراء امتحان الباكالوريا.
بعد ذلك اتصل بها شخص آخر، ستعرف بعد فترة، أنه ضابط ب "الديستي"، لتبدأ مشوارها كمخبرة دون علم عائلتها وصديقاتها، حتى المقربات منها.
وقتئذ توسعت مهمتها لمراقبة بعض التلاميذ والطلبة القاطنين بحيها والذين دأبوا على إجراء لقاءات بالمركز الثقافي الفرنسي الكائن بشارع الزرقطوني.
بعد حصولها على الباكالوريا، تمكنت بفضل جهة تجهلها من الحصول على منحة لمتابعة دراستها بالديار الفرنسية، رغم أنها لم تكن متفوقة، حيث حصلت بالكاد على المعدل لتنال شهادة الباكالوريا بميزة "مقبول".
انتمت إلى جامعة "أميان" (
AMIENS) بشمال فرنسا واستقرت بأحد أحيائها الجامعية، وبعد مدة اتصل بها أحد الأشخاص وأخبرها أنه تابع للسفارة واسمه "بديع"، وهو الذي سيؤطرها بفرنسا للقيام بالمهام الموكلة لها.
تقول "سين".. "في اللقاء التعارفي الأول لم يكلفني المدعو "بديع" بأية مهمة، وإنما دعاني لتناول الغذاء بشقة كائنة بعمارة بأحد الأحياء العتيقة لمدينة "أميان" بزنقة تدعى "كوندي"..
دخلنا شقة تقطنها عائلة مغربية، ووجدنا شابا قدمه لي "بديع" باسم "سمير"، كانت الأجواء عادية جدا لا تثير أي انتباه ولا تدعو لأي ريب. بعد تناولنا الغذاء نحن الثلاثة فقط رغم أن الشقة، كان بها أشخاص آخرون، ضمنهم سيدة مغربية هي التي أحضرت الطعام.. أخبرني "بديع" بإمكانية اللجوء إلى "سمير" كلما صادفت صعوبة خلال مشواري بمدينة "أميان"، ثم أعطاني ورقة تحمل عنوان فندق بباريس ورقما هاتفيا، وحدد معي موعدا هناك في الأسبوع المقبل..".
خلال اللقاء الموعود كلف "بديع" الآنسة "سين" بمراقبة طالبين مغربيين يتابعان دراستهما الجامعية بمدينة "أميان"، أحدهما من تافراوت والثاني من القنيطرة، كما أمرها بحضور مجموعة من التظاهرات المتعلقة بالمغرب التي كانت تنظمها "دار المغرب" وبعض الجمعيات بالعاصمة الفرنسية.
كانت مهمتها، بهذا الخصوص، المراقبة والاقتراب من بعض الأشخاص الذين تعرفت عليهم بواسطة صور كانت بحوزة "بديع"، كان المطلوب منها التقرب منهم ومناقشتهم والتعرف على الأماكن التي يلتقون فيها والمواضيع التي يناقشونها وماذا يقولون في التظاهرات التي يحضرون إليها.
تقول "سين": "إضافة إلى الطالبين بجامعة "أميان" كلفني "بديع" بالاقتراب من مجموعة من الأشخاص، لازلت أتذكر منهم الأخ الأصغر للراحل إدريس بنزكري الذي كان أحد قياديي "حركة الديمقراطيين المغاربة" بفرنسا ، وبعض الطلبة المغاربة ببلجيكا الذين دأبوا على حضور بعض اللقاءات المقامة بالعاصمة الفرنسية طيلة السنة..
كما أتذكر أن الطالب ب "أميان" الآتي إليها من القنيطرة توظف في الثمانينات بالبنك الوطني للإنماء بالرباط وأظن أن اسمه لطفي. أما التافراوتي، فقد علمت بواسطة كتاب "المحاكمة" "
Le Procés" الذي انتشر في فرنسا في نهاية السبعينات والمتعلق بمحاكمة الحركة الماركسية اللينية المغربية، أنه اختطف بالمطار وتم إيداعه بالمعتقل السري مولاي الشريف".
لم تتمكن "سين" من إتمام دراستها العليا، بعد تكرار فشلها لبضعة سنين، فعادت إلى المغرب، ثم انقطعت علاقتها بالمخابرات، فرجعت إلى باريس وهناك تعرفت على أحد المغاربة المقيمين بالسويد ثم تزوجته ورحلا معا إلى ذلك البلد.
تقول السيدة "سين": "في إحدى زياراتي للمغرب، وبعد أن انقطع الاتصال بالمخابرات لمدة طويلة، توصلت في نهاية الثمانينات باستدعاء من إحدى العمالات بالدار البيضاء للحضور لأمر يهمني، لكني لم أعر الأمر أي اهتمام، ثم جاءني "المقدم" باستدعاء ثاني وقال لي إن القائد يريدني في أمر يهم إحدى الوثائق كنت قد أودعتها بالسفارة المغربية بالسويد.. تسلمت منه الاستدعاء، وتوجهت صباح الغد إلى مكتب المعني فوجدت هناك القائد الممتاز في مكتبه بمعية شخص بلباس مدني قدم لي نفسه على أنه من طرف السيد "بديع"، وبعد عبارات المجاملة والاستفسار عن الأوضاع الاجتماعية والأهل، منحني ورقة مكتوب عليها رقم هاتف "بديع" وطلب مني الاتصال به...".
بعد رجوعها إلى السويد، اتصلت السيدة "سين" بالرقم الهاتفي الذي تسلمته من المغرب، تكلمت مع "بديع" وتحدثا عن أشياء مختلفة، لاسيما وأنها لم تلتق به منذ مدة، انهيا الحديث دون أن يكلفها بأية مهمة، لكن خلال مكالمة ثانية، تقول السيدة "سين": "كلفني "بديع" بجمع بعض المعلومات عن تحركات أحمد رامي وتتبع مدى انتشار جريدة كان ينشرها آنذاك بالسويد ، كما كلفني بتتبع تحركات مغربي كفيف، لاجئ سياسي بالسويد، دأب على تعليق لافتة على ظهره وأخرى على صدره يدعو فيها إلى "مقاطعة المغرب لأن نظامه استبدادي" متجولا في الساحات العمومية..".
عملت السيدة "سين" على القيام بالمطلوب منها إلى حدود 1996، إذ كان "بديع" يتصل بها هاتفيا وبانتظام لتزويده بالمعلومات المطلوبة شفاهيا وأحيانا عبر رسائل تبعثها إليه عبر البريد إلى عنوان المدعو "سامي" بضواحي باريس "نويي"، وبحلول قرب نهاية سنة 1996 انقطع الاتصال بين السيدة "سين" و"بديع" دون سابق إنذار.
وعندما سألنا السيدة "سين": هل كانت تتقاضى أجرا مقابل ما كانت تقوم به، كان جوابها: "اعفيني من الجواب".. فصمتت ولم تنبس بعدها ببنت شفة!

المخابرات تخترق الدبلوماسية الجزائرية 


هناك حرب ضارية بين المخابرات المغربية ومثيلتها الجزائرية، إذ تحاول الواحدة اختراق الأخرى، وبث عيون ثاقبة وآذان صاغية داخلها، فكان من الطبيعي الاهتمام عن قرب بنشاط البعثة الدبلوماسية الجزائرية بالمغرب، في نطاق نظام ما يعرف، في عالم و"علم" الجاسوسية، بالتجسس السياسي.
ظلت البعثات الدبلوماسية وما تزال وسيلة رئيسية لجمع المعلومات السياسية من مصادرها العلنية. وتدعم الدبلوماسيين في ذلك عناصر من أجهزة المخابرات المدنية والعسكرية وعملاء سريين، يقومون بالتجسس لحسابها. ولا يقل التجسس الاقتصادي أهمية، وهو المتعلق بجمع المعلومات المرتبطة بالنشاط التجاري والمالي للجزائر بالمغرب.
هناك أكثر من نازلة كشفت الصراع المخابراتي الضاري بين الجارين، آخرها نازلة قنصل الجزائر بالدار البيضاء الذي انفضح أمره أولا ببلده ليحاكم ويدان بخمس سنوات سجنا نافذا بتهمة التعامل مع المخابرات المغربية وإمدادها بمعلومات سرية تخص الجيش والاقتصاد والأمن الداخلي، فيما بين 2000 و2002.
أجمعت مختلف المصادر أن استدراج الدبلوماسي الجزائري للسقوط في فخ المخابرات المغربية (الديستي) كان بفضل شابة مغربية، ارتبطت به من حيث لا يحتسب فقادته لمضاجعتها في شقة مجهزة بمعدات التصوير والتسجيل مرصودة خصيصا لهذا الغرض، وبعد ذلك استعملت المخابرات المغربية فيلمين مسجلين لإرغامه على التعامل معها.
كانت البداية بتوجيه "الديستي" رسائل مجهولة إلى القنصل الجزائري تهدده فيها بكشف علاقته غير الشرعية بشابة مغربية، وبعد حين تم الاتصال به لاستدراجه للتعاون والقيام بالمطلوب منه.
كان القنصل الجزائري ، البالغ من العمر 51 عاما، قد التحق بمنصبه الدبلوماسي بالرباط سنة 1999، حيث كان يقطن بمعية زوجته قبل تعيينه قنصلا بالعاصمة الاقتصادية،
 
بواسطة تلك الشابة وباستخدام سلاح الجمال والجنس تمكنت "الديستي" من وضع اليد على معلومات حساسة تعلقت بنشاط المخابرات الجزائرية بالخارج، سيما بالمغرب وبلدان المغرب العربي، والاهتمامات الرئيسية للسفارة الجزائرية بالرباط آنذاك، ومعلومات بخصوص العاملين بها ومعطيات اقتصادية ذات صلة بالاستثمارات الجزائرية ببلادنا
لكن كيف انكشف أمر القنصل الجزائري ببلاده؟
حسب مصادر إعلامية جزائرية، تمكنت المخابرات الجزائرية من استدراج أحد المتعاملين مع "الديستي" (عميل مزدوج)، وهو الذي أمدها بنسخ من بعض الوثائق التي استلمتها "الديستي" من الدبلوماسي الجزائري (مراسلات سرية وتلغرافات...)، في حين ذهبت إحدى المصادر المغربية إلى القول بأنه مجرد إدعاء لا يمت بصلة إلى الواقع، ويعتقد أن زوجته هي التي كانت وراء انكشاف أمر زوجها خوفا من العواقب.
كان من العسير جدا التحقق من صحة التخريجتين الجزائرية والمغربية، لكن ما موقع زوجة القنصل الجزائري في النازلة؟


لم تكتف المخابرات المغربية بإسقاط الدبلوماسي الجزائري في حبالها، وإنما عملت كذلك على الإيقاع بزوجته أيضا، إذ نجح أحد المتعاونين مع "الديستي" من ربط علاقة بها واستدراجها لتسجيل لقطات مشينة استعملت ضدهات لإرغامها على التعاون، وذلك دون علم زوجها، وهكذا سقط الزوجان معا في الفخ.  

                          استخدام العاهرات وطرق الاستقطاب   

 بواسطة عاهرات تمكنت المخابرات من إيقاع حزبيين كبار ونقابيين ومسؤولين في تنظيمات طلابية وقطاعية، عن طريق استغلال نقط ضعفهم وجرهم إلى المساومة.
وغالبا ما تستعمل المخابرات عاهرات شابات جميلات لاقتياد الضحايا إلى الفخ وجعلهم في وضعية مخالفة للقانون والأخلاق.
أضحت الوصفة معروفة، إذ تقوم العميلة بإغراء الشخصية المستهدفة، ثم ممارسة الجنس معها في أوضاع ملفتة للنظر، آنذاك تقوم عناصر المخابرات بعملية التصوير في وضعيات فاضحة ومشينة، ثم تأتي مرحلة التهديد، فالسقوط إلى الهاوية بقبول التعاون والانصياع إلى طلبات المخابرات.
حسب التقارير المكشوف عنها بخصوص إسقاط المسؤولين في فخ التعاون مع المخابرات، كانت الانطلاقة الأولى من دراسة مستفيضة للسمات الشخصية والمزاجية للمستهدف قبل مباشرة عملية الاقتراب منه لربح ثقته.. وتبرز أربعة عوامل للإيقاع بالضحية وهي:
- المال والمصالح.
- العاطفة (الانتقام، العداوة...).
- الجنس والمرأة.
- الخوف من انكشاف سر أو جريمة أو خطأ فادح يراد التستر عليه.
وغالبا ما تكون النتيجة جعل المستهدف يشعر أنه في وضعية مخالفة للقانون أو للأخلاق.
لإعداد الفخ النهائي وضمان تصويب الضربة القاضية، تعمل عناصر المخابرات على جمع المعلومات حول الشخصية المستهدفة بشتى الطرق والوسائل عن طريق تجنيد "البارميطات" أو النادلين أو مستخدمي الفنادق أو السكرتيرات أو السائقين أو الحراس الليليين أو عيون المخابرات الدائمة بالحي (البقال، الإسكافي، منظف السيارات، البواب..)، وكذلك المومسات المشتغلات بالحانات والملاهي الليلية التي يقضي فيها المستهدف بعض أوقات فراغه.
أما العاهرات المكلفات، حسب أحد ضباط "الديستي" المتقاعدين، من السهل استقطابهن، إذ يقبلن عرض أجسادهن للخدمات السرية للمخابرات دون أن يعلمن شيئا عن الهدف من ذلك، مقابل مبالغ مالية قد تكون زهيدة، بل أحيانا يكتفين بما يجود به عليهن الشخص المستهدف من هدايا ومال. وذلك - يضيف المصدر - لأنهن يعلمن، حين قيامهن بالمهمة، أنهن في حماية يد أمينة، حريصة على أن تتم العملية في هدوء ودون أي مخاطرة، وهذا يكفيهن للقبول، علاوة على أن العاهرات يتنافسن فيما بينهن للاقتراب من رجال الأمن والفوز بصداقتهم.
ومن المعلوم أن أغلب العاهرات، إن لم يكن كلهن، على اتصال برجال الأمن أو المخابرات، إذ يعتبر، من شروط العقد الضمني بين الطرفين، التجسس على الزبناء وتبليغ الأخبار عنهم حتى وإن لم تكن مطلوبة. فكل عاهرة، سوءا كانت من المجندات من طرف المخابرات أو لم تكن منهن، تعمل بهذه القاعدة مهما كان وضعها وإينما مارست الدعارة. إنها عقدة دائمة بين العاهرة والسلطة، بكل تلاوينها، فكل عاهرة تعتبر عين وأذن المخابرات، سواء قبلت ذلك أو لم تقبله.
غير أن استخدام المرأة والجنس لإسقاط الضحية في شباك المخابرات يتطلب مجموعة من الشروط، بينها ضمان الاستجابة من جانب المستهدف، المراد إغراؤه و"اصطياده جنسيا"، وكذلك إعداد العاهرة اللعوب القادرة على الإغراء، سيما إذا كان الغرض هو الحصول على معلومات وليس الإيقاع فقط.
في هذه الحالة يتم اختيار المرأة المناسبة، التي تتوفر على مواصفات معينة، منها سرعة البديهة وقدر من الذكاء للحصول على ما تسعى إليه، وأيضا، عليها أن تكون ذات خبرة وتجربة في إعداد الضحية والوصول بها إلى درجة تجعل رغبتها في إشباع "جوعها الجنسي"، مساوية للاستعداد لتقديم المطلوب من معلومات دون تفكير في العواقب أو تردد.
حسب مصدر أمني، متقاعد حاليا، تقوم المصلحة بتكليف إحدى عناصر المخابرات بالتحري عن المرشحة للقيام بمهمة استدراج الضحية، وعن أفراد أسرتها. وبعد الحسم في الاختيار، يجري معها عنصر المخابرات القريب منها لقاءا خاصا لتوجيهها، فتبدأ مراقبتها التي لا تتوقف إلا بعد إنجاز المهمة.
وقد اشتهرت عدة محلات، في الستينات والسبعينات، تألقت بعض عاهراتها في التعامل مع المخابرات لإسقاط العديد من الشخصيات.
بالدار البيضاء ، يمكن ذكر الكثير من الحانات والملاهي الليلية، نشير منها على سبيل الاستئناس، إلى "لافونتين" و"الدونكيشوط" و"لاكانبير" و"عند مدام توتون" و"لوكاروسيل" و"فيكتوريا" و"لوبوليرو" و"لاتيراس" و"لي بيريني" وملهى "لوفيلاج" وكابريه "ويشيتا" وفندق "سفانكس" بالمحمدية.
أما بالقنيطرة، فكانت المخابرات تستعين بفتيات الملهى الليلي "ماماس" لصاحبته "مدام داهان"، اليهودية المغربية الحاملة للجنسية الفرنسية والعميلة للموساد، وكذلك فتيات مرقص "دوبل زيرو سات" (007) لصاحبه سيمون اليهودي المغربي، وفتيات نادي "الفليت" الذي كان يسيره كولونيل أمريكي كان يعمل بالقاعدة العسكرية بالقنيطرة.
وفي الرباط حظيت فتيات حانة وملهى "كيوم تيل" باهتمام خاص من طرف عناصر المخابرات، بما فيهم إدريس البصري خلال بداية مشواره عندما غرم بإحداهن.
فيما بين 1961 و1964، كان عناصر "الكاب 1" غالبا ما يلجأون إلى فتيات "كيوم تيل" بباب الأحد، والذي كان صاحبه تحت حماية علي بنيعيش - حاجب بالقصر الملكي - وذلك لاصطياد بعض السياسيين وإرغامهم على التعاون مع المخابرات.

كانت تعمل بهذا المحل فتيات نادلات ومتصيدات زبائن، جميلات وأنيقات لا يتعدى سنهن 20 عاما، وجلهن لم يكن يتوفرن على بطاقة تعريف، وبذلك كن تحت رحمة رجال الأمن، ومستعدات مسبقا لتنفيذ كل أوامرهم بالحرف.

خطة إسقاط المسؤولين في الشرك       

ظلت خطة إسقاط المسؤولين والشخصيات الوازنة في فخ المخابرات ببلادنا تعتمد على قاعدة أساسية مفادها أن في أعماق كل إنسان نقطة ضعف، ولكل شخص ثمة نقطة انطلاق للسيطرة عليه وترويضه، طوعا أو كرها.
ونقط الضعف كثيرة ومتنوعة، قد تكون بسبب الفقر والحاجة، أو النساء والجنس، أو الحقد، أو بسبب سر أو خطأ أو جريمة يراد التكتم عليها والخوف من انكشافها...
من خلال إحدى نقط الضعف أو غيرها تسعى المخابرات إلى جعل الشخص المستهدف يتعامل معها حتى وإن لم يكن مقتنعا بذلك. وقد لا تفيق الضحية من غفلتها إلا بعد أن تجد نفسها عميلة للمخابرات واقعة في دوامة لا تستطيع الفكاك منها. وهذا ما وقع للعديد من الزعماء السياسيين المغاربة على يد "الكاب 1"، الذي دأب على استخدام المال والمرأة والجنس للإيقاع بهم، ليجدوا أنفسهم، بين ليلة وضحاها، عملاء ومخبرين، رغما عنهم، مزروعين بين ظهراني رفاقهم.
وقد أقر أحمد البوخاري أن أغلب المسؤولين السياسيين ببلادنا، في ستينات وسبعينات القرن الماضي، استدرجوا، من حيث لا يدرون رغم أنوفهم، للتعامل مع المخابرات والتجسس على رفاقهم الذين تجمعهم بهم أسرار ومبادئ ومواقف وأهداف.
كانت البداية أن تعمل عناصر المخابرات، إما مباشرة أو بواسطة عاهرات أو مقربين ومعارف، على التنقيب والبحث عن نقط ضعف المستهدفين وعاداتهم، وبعد دراسة وتتبع كل حالة على حدة، يتم تدبير فخ لإسقاط المعني بالأمر في الشرك بشكل لا يستطيع الإفلات من الورطة، وغالبا ما يتم التقاط صور في وضعيات مشينة رفقة امرأة عارية على الفراش.
لم يكن ليتأتى ذلك للمخابرات دون الدور الذي لعبته العاهرات، وفي هذا الصدد يذهب أحمد البوخاري إلى القول، إن ما نسبته 70 بالمائة من السياسيين المعارضين في الستينات والسبعينات سقطوا في فخاخ المخابرات بهذه الطريقة وأرغموا على التعامل معها لسنوات.
ويزداد تورط الساقطين في فخ المخابرات منذ خضوعهم الأول، إذ تبدأ سلسلة جديدة من التصوير والتسجيلات. في كل مرة يلتقي فيها المتعاون بأحد عناصر المخابرات يُصوّر رفقته ويسجل صوته، وبذلك يجد نفسه في دوامة جديدة.
لقد أحصى أحمد البوخاري الشقق المفخخة، التي كانت مجهزة بآلات التسجيل السمعي - البصري، فوجدها تفوق الستين موزعة كالتالي:
12 بالدار البيضاء.
08
 بفاس.
06
 بالرباط.
06
 بوجدة.
04
 بالقنيطرة.
04
 بطنجة.
04
 بتطوان.
04
 بمكناس.
04
 ببني ملال.
04
 بمراكش.
04
 بآسفي.
02
 بالناظور.
02
 بتازة.
02
 بالحسيمة.
02
 بأكادير.
المجموع: 68 شقة
سلاح "الجنس والمرأة" بيد المخابرات
منذ الأزل ظلت المرأة عنصرا أساسيا في لعبة التجسس لما لها من تأثير عاطفي على الشخص المرادإسقاطه في اللعبة أو السيطرة عليه أو الحصول على معلومات منه، عندما يكون بين أحضان فتاة جميلةوهو أفضل مكان لاستخراج الأسرار.
فالمال والجنس، ظلا من أهم الأسلحة القذرة التي تستخدمها المخابرات في استقطاب عملائها ومخبريهاوالمتعاونين معها.
وقد مكّنت الرذيلة والإغراء من إسقاط العديد من المسؤولين والزعماء السياسيين. وكان الجنس والبغاءالسلاح الهيكلي ل "الكاب 1" و"الديستي" ولا شك أن الأمر كذلك، بالنسبة لأجهزة المخابرات الأخرى.
هكذا أصبحت الدعارة في الستينات والسبعينات في خدمة تكسير شوكة السياسيين وإرغامهم علىالتجسس على رفاق دربهم الكفاحي والنضالي.
انتبه القيمون على المخابرات المغربية، في صيغتها الأولى - سيما "الكاب 1" والسنوات الأولى ل"الديستي" - لدور المرأة في العمل المخابراتي، وتم تشغيلها منذ الستينات، كما كانت تفعل كل أجهزةالمخابرات في العالم. إذ من المعروف نفسيا أن الرجل غالبا ما يفقد توازنه وهو صحبة المرأة رأسا لرأس،بل وقد ينسى نفسه ويتفوه بمعلومات غاية في السرية.
وكان هذا مبررا كاف لاستعمال الأنوثة كسلاح هيكلي من طرف مخابراتنا منذ مرحلة التأسيس الأولى،سيما في فترات هيجان أساليب القمع والاختطاف والاحتجاز القسري والتصفيات الجسدية، عندما كانالمخزن والقيمون على أمورنا يعتبرون أن جل المغاربة خونة ومتآمرون، وبالتالي حق اعتماد كل أنواعالتنكيل كأداة لممارسة السلطة.
يقول أحد مصادرنا، الذي عمل بالمخابرات في الستينات والسبعينات، إن بعض الزوار والوفود الأجنبية كانوايحضرون إلى المغرب، ودون أن يدرون يسقط بعضهم في شرك فتيات جميلات إما بالفندق الذي يقيمون به(غالبا بفندقي حسان وهلتون بالرباط) أو بالمطعم أو بالملهى الليلي، وفي ذات الليلة أو اليوم الموالي،كانت المخابرات تتوصل بمعلومات وأحيانا بأسرار خطيرة.
ومن المعلوم، أن بلادنا وقتئذ، احتضنت العديد من المؤتمرات والقمم العربية صدرت عنها أهم القرارات علىالصعيد العربي والإسلامي.
يضيف ذات المصدر، عملت المخابرات على إعداد مقرات فاخرة وأخرى متوسطة مجهزة بآلات التصويروالتسجيل، كانت بعض النساء تستدرج إليها الأشخاص المستهدفين بطريقة الخديعة لاستعمال الصوروالأشرطة لتهديدهم أو السيطرة عليهم أو إرغامهم على التعاون. وهذا العمل، في عرف المخابرات مباح -رغم أنه غير مشروع - لحماية مصلحة الدولة التي يباح من أجل سلامتها كل شيء، بما في ذلك التصفيةالجسدية إن دعت الضرورة إلى ذلك، هذا ما كان سائدا وقتئذ لدى الأغلبية الساحقة للعاملين في صفوفالمخابرات، إلا من رحم ربي.
وحسب مصدر أمني آخر عاش في نفس الفترة، عموما هناك مستويان بخصوص استخدام المرأة من طرفالمخابرات:
1-
 غالبا ما يتم اللجوء إلى عاهرات محترفات أو فتيات لا يمتهن الدعارة، لاستدراج الضحية لتصويرها فيوضعيات مشينة، وفي هذه الحالة لا تهتم المكلفة بجمع المعلومات ولا تؤمر بذلك، بل تمنع من الحديثحول هذا الموضوع مع الضحية.
2-
 أما المستوى الثاني، فيتعلق بلعب المرأة دورا في جمع المعلومات أو استخراج أسرار من الضحية،وفي هذه الحالة تكون المكلفة بهذه المهمة على علم بالأمر، وملمة بدقائق المهمة والهدف المتوخىمنها، وغالبا ما تقوم بها نساء يكن على علاقة وثيقة بالمخابرات، وربما موظفات بها أو بإدارات عموميةأخرى تربطهن علاقة شبه دائمة بالمخابرات.
علما أن المخابرات دأبت على ربط علاقات مع مجموعة من الأشخاص لتزويدها بالمعلومات دون أن تربطهمعلاقة واضحة معها، فكل عنصر من المخابرات يجتهد في إنشاء شبكة من المخبرين خاصة به لتزويدهبالأخبار والمعلومات أو القيام بالمراقبة بتوكيل شفوي منه.
وفي هذا الإطار يتم اللجوء إلى عاهرات العلب الليلية والمراقص والحانات والفنادق وسائقي الطاكسياتوبوابي العمارات والحراس الليليين وحراس السيارات والدراجات والنادلين وماسحي الأحذية وبائعيالمخدرات بالتقسيط وذوي السوابق.
وهناك عدة أساليب وطرق لتعامل المخابرات المغربية مع النساء لاستدراجهن للتعاون، وذلك حسبموقعهن ومستواهن ونوع المهمات التي يكلفن بها والغرض منها.
فإذا كان من السهل التحكم في العاهرات وتطويعهن حسب المراد والمبتغى، فإن غيرهن تستوجبإعدادا قبليا خاصا. إذ غالبا ما كان عناصر المخابرات يلجأون إلى تصويرهم، هن كذلك، في وضعيات مفضوحةومشينة من باب السيطرة عليهن، خوفا من تقلب مزاجهن أو امتناعهن عن الاستمرار في التعاون أو إفشاءسر تعاونهن للغير.
نساء "الكاب 1"
لعبت نساء في تجربة "الكاب 1" أدوارا هامة، في التحضير للاختطافات وإسقاط شخصيات وازنة في فخالتعاون مع المخابرات، وإعداد فتيات وعاهرات للقيام بجملة من المهمات قصد تحقيق أهداف دون علمهنبفحوى المخططات التي يتحركن ضمنها.
من نساء المخابرات اللواتي طبعن تجربة الستينات والسبعينات، سيما تجربة "الكاب1"، هناك 5 سيدات:بديعة همّو، الكرواني، وريث و الشقيقتان السوسي.
بديعة همّو:
لم تكن السيدة بديعة همّو بعيدة عن كل ما حيك ضد الزعماء السياسيين من مقالب استخدم فيها الجنسوالمرأة.
وبديعة هذه زوجة محمد المسناوي، أحد أهم عملاء "الكاب1" و"الدستي"، سبق وأن كشف أمرها أحمدالبوخاري. احتلت مواقع حساسة، إذ بدأت مشوارها كرئيسة للكتابة الخاصة لوزراء الداخلية بدءا من أحمدرضا كديرة، وصولا إلى إدريس البصري، على امتداد أربعة عقود.
عملت مع الأول في بداية الستينات، ومع الجنرال محمد أفقير بين 1964 و1971، ومع الدكتور بنهيمة بين1971 و1975 ومع إدريس البصري بين 1975 و1999.
كانت بديعة آية في الجمال إضافة إلى كفاءتها، وعرفت من "أين تؤكل الكتف"، وكيف تفرض نفسها، إذكانت على اطلاع بجميع الملفات الساخنة، منها الإعداد لتزوير الانتخابات والعلاقات مع الجزائر والهجرةاليهودية والاختطافات والاغتيالات المنفذة بين 1991 و1984 وقضية المهدي بنبركة ونازلتي الانقلابينالعسكريين الفاشلين وشبكات الدعارة ودور الفساد الراقية ووجوه صرف أموال الصناديق السوداء وأماكنالاحتجاز السرية، بما في ذلك سجن تازمامارت، وخبايا ملف الصحراء عندما كان حكرا على إدريس البصري.
السيدة الكرواني:
هي زوجة أحد عناصر "الكاب1" الرئيسيين، بناصر الكرواني، شغلت منصب رئيسة الكتابة الخاصة لأحمدالدليمي ب "الكاب1" فيما بين 1960 و1973، ثم عملت بالإدارة العامة للأمن الوطني بين 1973 و1998.
بحكم موقعها، تمكنت أيضا من الاطلاع على العديد من الأسرار الخطيرة، وبينها جملة من الخبايا المرتبطةبملف اغتيال المهدي بنبركة.
لعبت السيدة الكرواني أدوارا هامة في التحضير للكثير من عمليات الاختطاف والإشراف على توجيهعاهرات جميلات أُخترن للإيقاع بشخصيات وازنة أو للتجسس على ضيوف أجانب من العيار الثقيل.
بدأت مشوارها كعسكرية قبل الالتحاق بالمخابرات وأنهته بالإدارة العامة للأمن الوطني.
السيدة وريث:
لعبت زوجة العربي وريث وهو أحد عناصر "الكاب1" أدوارا حيوية، هي كذلك، في إعداد العاهرات والفتياتاللواتي شاركن في إسقاط مجموعة من الشخصيات الوازنة في حبال المخابرات.
كانت السيدة وريث تساعد زوجها العربي في تدبير مصلحة شؤون الموظفين، بدأت مشوارها، مثل زوجها،بإحدى مصالح القوات المسلحة بالقيادة العامة قبل التحاقها بمعيته ب "الكاب1" عند إحداثها.
وكانا قريبين من أحمد الديليمي منذ أن عملا في الشعبة الإدارية بجانب عبد الحق العشعاشي وجميلالحسين. كما اضطلعت السيدة وريث برئاسة الكتابة الخاصة للجنرال محمد أفقير عندما كان مسؤولا عن"الكاب1" فيما بين 1961 و1973، وهي كذلك تعلم الكثير عن الملفات الساخنة.
وحسب أحد المصادر، كانت السيدة وريث تُنسق مع بن مخلوف لإعداد الفتيات المكلفات بتنشيطالسهرات مع الشخصيات الوازنة أو بالاقتراب من بعض هؤلاء في محلات اعتادوا التواجد بها.
وكان بن مخلوف مكلفا بمراقبة الأماكن العامة والعلب الليلية والمراقص والفنانين الأجانب العاملين بهاوبالفنادق، وهو إطار بوزارة الداخلية، من المقربين لإدريس البصري، سبق وان التحق كضابط شرطة وعملطيلة الستينات والسبعينات بالمصلحة الإقليمية للمستندات العامة والتقنيات بالرباط، بنفس المكتبالمهترئ الذي كان يشغله إدريس البصري في بداية مشواره. أنهت السيدة وريث مشوارها الوظيفيبالإدارة العامة للأمن الوطني، حيث عملت بها من 1976 إلى 1998.
الشقيقتان السوسي:
كانت إحدى الشقيقتين زوجة مليود التونزي (المدعو الشتوكي)، الذي لعب دورا جوهريا في اختطافالمهدي بنبركة وعاين ظروف اغتيال وإخفاء جثته. وكانت من نساء المخابرات الأوائل، عملت بشعبة مكافحةالتجسس بين 1960 و1973 ثم بالإدارة العامة للأمن الوطني بين 1973 و2000.
في حين اضطلعت شقيقتها ثريا السوسي برئاسة كتابة محمد العشعاشي، رئيس شعبة مكافحة الشغبب "الكاب1"، بين 1962 و1973. وأنهت مشوارها، هي أيضا، بالإدارة العامة للأمن الوطني (1973 - 2000)،وكانت من بين الأشخاص الذين عاينوا نوازل الاختطاف التي بلغت حسب أحمد البوخاري، ما بين 19 و20ألف .

مغربيات الموساد

الواقع المتدني الذي عاشته بعض المغربيات حوّلهن إلى رقيق يباع في أسواق النخاسة

الأهمية التي يكتسبها المغرب بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد راجعة إلى كونه ليس وليد اليوم بل تزامن مع نشأة الكيان الصهيوني، واستدل على ذلك بكون المغرب من بين الدول العربية الأكثر استقبالا لمؤتمرات القمم العربية خصوصا تلك التي أصدرت قرارات هامة كما أشار إلى كون اعتماد أجهزة المخابرات على النساء في عملها ليس بجديد، لكن الجديد هو الوضع المتدني الذي أصبحت عليه بعض المغربيات حيث أصبحن يوظفن في أعمال مشينة ومسيئة لسمعة المغرب والمغاربة في الخارج.
عثرنا على تقرير يتضمن صور وأسماء بعض المغربيات اللواتي تم استقطابهن من قبل جهاز الموساد، يوظفهن هذا الأخير لأخذ معلومات من مسؤولين عرب وأيضا لمراقبة دبلوماسيين أمريكيين في العديد من الدول العربية، ما رأيكم في هذه المسألة؟
ليس غريبا أن تستعمل المخابرات النساء في عملها. هذا معروف ومعمول به في دواليبها السرية. فعالم الفن من مسرح وسينما ومهرجانات وعالم الصحافة ومنظمات الجريمة المنظمة إلخ ..هي من الأدوات التي تستعمل بواسطة الأجهزة السرية وتشكل غطاءا لأنشطتها، وكلها مجالات تستعمل فيها المرأة بامتياز.ليس في هذا جديد، الجديد هو هذا الواقع المتدني الذي أصبحت عليه بعض المغربيات اللواتي أصبحن رقيقا أبيض يباع في أسواق النخاسة بالمناطق الأربعة من العالم ويسهل اصطياده و توظيفه في الأعمال المشينة التي تسيء إلى سمعة المغرب و المغاربة في الخارج وحتى الداخل ومن بينها الأعمال التي أشرت إليها مما يتطلب الإسراع في اتخاذ خطوات ضرورية على كل الأصعدة كي نوقف النزيف ونمنع استغلال بؤس الواقع وبؤس الوعي عند فتياتنا وتوظيفهن في مثل هذه الأعمال.
ما هي الأهمية التي يمثلها المغرب بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد؟
تركيز الموساد على الدول العربية والإسلامية ومن بينها المغرب ليس وليد اليوم فهو يتزامن مع نشأة الكيان الصهيوني . لقد كان المغرب منذ ظهور القضية الفلسطينية في قلب أحداثها . حتى أنه يعتبر من بين الدول العربية الأكثر استقبالا لمؤتمرات القمة خصوصا تلك التي أصدرت قرارات مهامة.
وتعتبر إسرائيل أن المغرب شأنه في ذلك شأن مصر و الأردن يمكن أن يكون قنطرة عبورها للتطبيع مع العالم العربي.
من جهة أخرى فإن وجود عدد كبير من المواطنين المغاربة اليهود بالمغرب قد شكل نقطة اهتمام للدولة العبرية التي سعت بكل الوسائل إلى تهجير هذه الطائفة .وليس خاف الدور الذي لعبته الموساد على صعيد العالم وليس فقط المغرب لتنظيم الهجرة في اتجاه الدولة الصهيونية مستعملة تارة الترغيب وتارة الترهيب.
أمينة بن الشيخ / ناشطة أمازيغية
اللوم على حكومتنا وليس على جهاز الموساد
ترى أمينة بن الشيخ أن استقطاب جهاز الموساد لمجموعة من المغربيات أمر عادي لأنه من صميم عمل هذا الجهاز الذي يحاول استقطاب كل الجنسيات وذلك من أجل الحفاظ على ديمومة الدولة "الصهيونية" التي يحميها، لكن غير العادي عند بن الشيخ هو نوعية التربية التي نتلقاها في مدارسنا لأنها لم تستطع أن تربي فينا روح المواطنة إلى درجة كبيرة، مضيفة أنه لا يجب أن نلقي اللوم على الآخر، في حين يجب أن نلوم حكومتنا التي لا تقوم بالدور المنوط بها والقاضي بمحاربة كل المسببات التي تؤدي إلى ظهور مثل هذه الحالات.
-عثرنا على تقرير يتضمن صور وأسماء بعض المغربيات اللواتي تم استقطابهن من قبل جهاز الموساد، يوظفهن لأخذ معلومات من مسؤولين عرب وأيضا لمراقبة دبلوماسيين أمريكيين في العديد من الدول العربية، ما رأيكم في هذه المسألة؟
+ للجواب على هذا السؤال، يجب الإشارة إلى نقطتين. الأولى أن الأجهزة الإستخباراتية ، بما فيها الموساد، تعمل كل ما بوسعها للقيام بمهامها، وبالتالي فهي توظف وتستقطب كل الجنسيات. وهذا ليس عيبا في هذه اللعبة الإستخباراتية، التي تضع أمامها كل الوسائل اللوجيستيكية، من تقنيات ودراسات، للحصول على المعلومة. وفي هذه الأمور تكون كل الآليات جائزة، لأنها حرب باردة بين الدول، وفي قانون الحرب كل شيء وارد. إذن العيب، ليس في جهاز الموساد ، في استقطابه لمغربيات، يستعملهن بالطرق التي تحدثت عنها، للتجسس على كبار المسؤولين. ولكن حتى لا ينظر دائما إلى الآخر، بنظرة عتاب ولوم، كان علينا طرح السؤال، لماذا تقع هاته الفتيات في شباك هذه الأجهزة. وكيف يمكن أن نحمي شبابنا من هذه المنظمات؟... والجواب، على هذه المسألة ، يقتضي تشخيص الظاهرة أولا ووضع كل ما يمكن أن نحمي به كرامة شبابنا وتحصينه من الوقوع في هذه الموبيقات التي تستهدفه، ليس فقط من قبل أجهزة الموساد ولكن كذلك من طرف المنظمات الإرهابية التي تستهدف بلادنا.
إذن، يجب تربية أطفالنا على حب الوطن وذلك بالانفتاح على تاريخه وتدريسه إياه في المقررات الدراسية ، حتى يعتز شبابنا بتاريخهم، وهي النقطة الجديرة بالاهتمام. فالمغرب يعتبر تابعا للآخر عن غير قصد ، فشبابنا يحاول الانسلاخ عن هويته وثقافته ويتقمص أو يستلب من طرف الغير، وهذا الغير ربما قد يكون أجهزة استخباراتية بجنسيات متعددة، أو استعلاماتية تابعة لدولة معينة أو من طرف ما فيات التهريب والاتجار في المخدرات أو منظمات إرهابية أو شبكات الدعارة التي لا حدود لها.
أما النقطة الثانية من المسببات ، فتتمثل في الفقر والبطالة والوضعية الاجتماعية الشاذة لشبابنا بصفة عامة، سواء أكانوا فتيانا أو فتيات ، وهنا نعود للتركيز على مشكلة التعليم والتأطير، لأن المنظومة التعليمية عاجزة، كل العجز،عن خلق مواطن مغربي يحب بلده ، كما أن حقل التعليم لا يستطيع خلق شباب قادر على دخول سوق الشغل، فهناك هوة كبيرة بين التعليم وسوق الشغل، وشيئا فشيئا تتسع هذه الهوة. فكفى من لوم الآخر ولننظر إلى ذواتنا لنصلحها.
ما هي الأهمية التي يمثلها المغرب بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد؟
الخطير في الأمر، أن المغرب لا يعرفه المغاربة أنفسهم، بقدر ما يعرفه الآخرون. فالمغرب، ليس مستهدفا فقط، من قبل الموساد، وإن كان، فليس لأول مرة هو كذلك، فقبل ظهور حتى جهاز الموساد، استهدف المغرب من قبل الرومان واليونان والعرب وفرنسا وإسبانيا... ، والآن ربما تحولت وتطورت المجتمعات، وأصبح المغرب مستهدفا، كذلك من طرف أمريكا التي تحاول أن تتخذ من المغرب محطة لقواعدها العسكرية.
المغرب مستهدف كذلك من طرف عرب البترودولار، فهم من اشتروا أغلب الأراضي الخصبة، وبنوا عليها قصورهم التي لا نعرف ماذا يعملون فيها، ومستهدف كذلك من طرف الحركات الإسلاموية، وأحداث ماي2003 ومارس 2007 شاهدة على توغل هذه الجماعات الإرهابية في جسم المجتمع المغربي، وبذلك أصبح المغرب، مستهدفا حتى من طرف المغاربة أنفسهم، وهذه مسألة لا يمكن إغفالها، والحال أن من المغاربة من يحاول، نشر كل المبيقات، من تجار المخدرات وتجار الانتخابات...
وخلاصة القول، هو أن من حق جهاز الموساد أن يستعمل كل الطرق لضمان استمراره وذلك أداءا لوظيفته أيضا، المتمثلة في جمع المعلومات. ولكن لا نغفل أن من الواجب حماية شبابنا من كل فرد ،أو جماعة، تحاول هدم الشخصية المغربية. واللوم هنا على حكومتنا وليس على الموساد وغيرها من الأجهزة الدولية، وأخطاؤنا لا يجب أن نعلقها على شماعات الآخرين.
حوار مع الباحث محمد الحنفي
اشتغال المغربيات لفائدة الموساد نتيجة طبيعية للشروط الموضوعية التي يعيشها الشباب المغربي
من جهته أكد الحنفي أن فقدان الثقة التي يعانيها المغاربة اتجاه وطنهم دفعهم إلى القيام بأعمال قد لا تكون مشرفة بالنسبة للشعب المغربي وللحكومة المغربية، وهذا ما دفع بالعديد منهم إلى الانخراط في البحث عن بديل للخروج من وضعهم حتى ولو كان ذلك بالاشتغال مع المخابرات الإسرائيلية بمقابل مغر، مشيرا إلى أن المرأة وبحكم تعرضها للقهر، والعنف والتخلف... في المجتمع المغربي من الطبيعي أن يتم استقطابها للاشتغال لصالح الموساد. فاللواتي لا يتورعن عن ممارسة الدعارة مع أصحاب رؤوس الأموال في العالم والخليجيين على الخصوص لا يتورعن كذلك عن التجسس لصالح الموساد.
عثرنا على تقرير يتضمن صور وأسماء بعض المغربيات اللواتي تم استقطابهن من قبل جهاز الموساد، يوظفهن لأخذ معلومات من مسؤولين عرب وأيضا لمراقبة دبلوماسيين أمريكيين في العديد من الدول العربية، ما رأيكم في هذه المسألة؟
ونحن، كعادتنا، لا بد أن ننطلق من الواقع الفارز للظواهر التي تبدو غير طبيعية، وغير سليمة، بالنسبة للعرب، وللمسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، من الذين لا زالوا يحملون شيئا من المناعة، إلى ما لا نهاية.
وفي معرض مقاربتنا لسؤالك، نرى أن المغاربة الذين يعانون الكثير من الظواهر المرضية على المستوى الوطني، والقومي، والعالمي، يعيشون شروطا موضوعية مزرية، تجعلهم يفقدون الثقة في وطنهم، ويتوجهون بأنظارهم إلى القيام بأعمال قد لا تكون مشرفة بالنسبة للشعب المغربي، وللحكومة المغربية، وللدولة برمتها.
فالمغاربة، إما عاطلون عن العمل، ولا تشفع لهم الشواهد التي قد يحملونها، أو مهددون بالطرد من العمل، إذا لم ينفذ في حقهم ذلك الطرد، كما يحصل يوميا، وفي مختلف المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية. وإذا اشتغلوا، فبأجور لا تسمن ولا تغني من جوع، بسبب عجزها عن تلبية الحاجيات الضرورية للحياة. والذين لا يجيدون عملا قد يضطرون للاشتغال في حرف مشينة، ومهينة لكرامتهم، خاصة وأن معظمهم يحمل شواهد عليا، ويتعرضون في ممارستهم لتلك الحرف للكثير من الإهانات المترتبة عن الشطط في استعمال السلطة. وبسبب سيادة الارشاء، والارتشاء، في العلاقة مع الإدارة، ومع الأجهزة المخزنية المختلفة، الأمر يدعو العديد من الشباب، ذكورا، وإناثا، إلى الانخراط في البحث عن البديل للخروج من الأزمات المتوالية، التي يعرفها الشعب المغربي، والتي تبرز تجلياتها بشكل كبير في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية والسياسية.
وكنتيجة لهذا الواقع المتردي إلى ابعد الحدود، نجد الشباب من الذكور والإناث، يتجهون إلى:
1) الهجرة السرية بحثا عن ملاذ آمن يضمن للمهاجر الاستقرار بعد الحصول على العمل في المهجر.
2) الاشتغال مع المخابرات الإسرائيلية، خاصة إذا كان ذلك بمقابل مغر، يجعل المغاربة المخبرين يتسلقون السلم الطبقي، ليصيروا من كبار البورجوازيين المغاربة.
3) الاشتغال مع المخابرات
الامريكية أو أي مخابرات أخرى، إذا كان ذلك يوصل إلى شاطئ النجاة، بدلالغرق في بحر الفقر.
4)
 التجسس على المسئولين العرب، أنى كانوا، وأينما كانوا، لحساب المخابرات الإسرائيلية ، أو الامريكية
5)
 التجسس على المسئولين لحساب المخابرات الإسرائيلية، أو الامريكية.
وبما أن المرأة يمكن أن تلعب هذا الدور في المجتمعات العربية لصالح الموساد، أو حتى لصالح المخابرات الامريكية،  وبما أنها أكثر تعرضا للقهر، والعنف، والتهميش، والتخلف في المجتمع المغربي، فإننانرى أنه من الطبيعي أن يتم استقطاب المغربيات إلى الاشتغال لحساب الموساد، وبأجور خيالية، قد لايحلمن بها إذا راهن على القيام بالأعمال العادية، والمشروعة في المغرب، فيتجسسن على المغاربة،وعلى العرب الخليجيين، وغير الخليجيين، وعلى الأمريكيين، وغيرهم من الأوربيين، والأفارقة، والأسيويين،لحساب المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، لأن المغربيات اللواتي لا يتورعن ممارسة الدعارة مع أصحابرؤوس الأموال في العالم أجمع، والخليجيين بالخصوص، لا يتورعن كذلك عن التجسس لصالح الموساد. وماذلك إلا نتيجة لطبيعة المنظومة التربوية المتبعة في المغرب، والتي صارت وبالا على مستقبل المغاربة،إضافة إلى سيادة النظام الاقتصادي الرأسمالي التبعي، الذي يرهن كل شيء بيد النظام الرأسماليالعالمي، الذي صار يمد يده ليستولي، عن طريق الخوصصة، على جميع ممتلكات الشعب المغربي.ولذلك فلا غرابة أن تقبل المغربيات الاشتغال مع الموساد، بسبب فقدان الحس الوطني، والقومي،والإنساني، ورغبة في الحصول على الثروات التي تؤمن الحياة في المستقبل.
وإذا كان اشتغال المغربيات مع الموساد غير مستساغ، وغير مقبول وطنيا، وقوميا، وإنسانيا، وأخلاقيا، نظرالما يمكن أن يترتب عنه من نتائج تسيء الى المغاربة.
فهل نستسيغ انخراط المغاربة في العمليات الإرهابية: وطنيا، وقوميا، وعالميا؟
هل نقبل اشتغال قسم كبير من المغاربة على تهريب البضائع، مما يشكل خطرا محدقا على المقاولةالوطنية؟
هل نقبل اشتغال قطاع عريض من الشباب العاطل على الاتجار في المخدرات داخل المغرب، وخارجه؟
إن الشروط الموضوعية، التي يعيشها المغاربة جميعا، هي المنتجة لكل ذلك. ولإيجاد مغربيات، ومغاربة، لايرضون بالمهانة لوطنهم، ولأنفسهم، وللشعب المغربي، علينا أن نغير الاختيارات الرأسمالية التبعيةالمنتجة لتلك الشروط، باختيارات ديمقراطية، وشعبية، منتجة لشروط نقيضة تقود إلى اختفاء الظواهرالمرضية التي لا تشرف المغرب، والمغاربة.
ما هي الأهمية التي يمثلها المغرب بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد؟
في مقاربتنا لهذا السؤال، المتعلق بالأهمية التي يمثلها المغرب بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلية"الموساد"، فإننا نرى أن المغرب، ومنذ القدم، يعتبر مقصدا للمحتلين، بسبب موقعه الجغرافي المتعددالأبعاد، فمن هذا الموقع الجغرافي، يحضر البعد الإفريقي، كما يحضر البعد الأوربي، والبعد العربي، إلىجانب البعدين: المتوسطي، والأطلسي. فهذه الأبعاد مجتمعة تكسب المغرب أهمية خاصة، تجعله مقصداللمحتلين بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، كما تجعله مستهدفا بالاستثمارات الأجنبية: الإفريقية، والأوربية،والعربية، والامريكية ، والإسرائيلية. وبما أنه كذلك، تكون قد اختلطت فيه الأجناس. وبما أن أبناءه محرومونمن التمتع بحقوقهم المختلفة، رغم ما يقال عن تجاوز سنوات الرصاص، وسنوات الجمر، فإن هذا الحرمانيجعل الشباب مقبلين على تقديم الخدمات غير المحسوبة للأجانب، ومنهم الإسرائيليون، وجهازهمالموساد، حتى تستطيع إسرائيل التأثير في الخيارات السياسية المتبعة، ومن خلال تلك الخيارات، فيالبعد الإفريقي، والعربي، والأوربي، وفي ما وراء البحار، نظرا للموقع الإستراتيجي للمغرب، ولقبول المغاربةبتقديم الخدمات بمقابل، بما في ذلك النساء المغربيات، اللواتي كان يفترض فيهن التمتع بحقوقهنالاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في إطار خطة وطنية لإدماج جميع المهمشين في التنميةالشاملة، من أجل أن تحضر كرامة الإنسان المغربي، التي لم تعد حاضرة في معظم الأحيان، والتي تشكلالحصانة اللازمة لكل الممارسات غير المشرفة للمغربيات، والمغاربة في نفس الوقت.
وهذه الأهمية التي صار يمثلها المغرب، بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية، الامريكية ، وبالنسبة للقاعدة،قائدة الإرهاب في العالم، وبالنسبة للنظام الرأسمالي العالمي، هي التي صارت تفرض إعادة النظر فيالاختيارات الرأسمالية التبعية، باعتماد اختيارات ديمقراطية، وشعبية، تعيد الثقة للمغاربة في أنفسهم،وفي شعبهم، وفي حكامهم، وفي مؤسساتهم التي يختارونها بأنفسهم، اختيارا حرا ونزيها، مما يؤهلالمغرب لئن يلعب دوره الذي يقتضيه منه موقعه الإستراتيجي إفريقيا، وعربيا، ودوليا، لقطع الطريق أماماستغلال الموساد، وغير الموساد للمغاربة بصفة عامة، وللمغربيات بصفة خاصة.
فهل يراجع المسئولون الاختيارات التي يعتمدونها، باعتماد اختيارات بديلة؟
وهل يسعون إلى جعل المغاربة جميعا يتمتعون بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية،والسياسية؟
وهل يتيحون الفرصة أمام إقرار دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب؟
هل يحرصون على إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية، تعكس التعبير الحقيقي عناحترام إرادة الشعب المغربي؟
هل ستفرز عن المؤسسات المنتخبة حكومة تكون في خدمة الشعب المغربي؟
هل يعملون على إقرار قوانين متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؟
وهل يقومون بمراجعة القوانين المتبعة من أجل ملاءمتها مع تلك المواثيق؟
هل يعمل ون على تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي؟
هل يتوقفون عن بيع ممتلكات الشعب المغربي للشركات العابرة للقارات؟
هل يعملون على استعادة القطاعات الإستراتيجية، التي تم تفويتها، إلى الشعب المغربي؟
هل ينهجون تنمية حقيقية، يساهم فيها جميع المغاربة، بما توفر لديهم من إمكانيات مادية، ومعنوية؟
إننا، ونحن نطرح هذه الأسئلة، وغيرها، لا نروم إلا الحرص على جعل المغرب يحتل المكانة اللائقة به،وعلى جعل المغاربة يتمتعون بحقوقهم كاملة، من أجل أن يستحضروا كرامتهم التي تمنعهم من الانسياقوراء الإغراءات المادية، التي يقدمها كل من يسعى إلى استغلال المغاربة فيما يسيء إلى المغرب، وإلىالشعب المغربي، كما هو الشأن بالنسبة للموساد، الذي يستغل بعض المغربيات في التجسس علىالمسؤولين المغاربة، والعرب، والأمريكيين، وغيرهم.
-
 فكفانا اعتبار المغرب مصدرا للجواسيس لصالح الموساد.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مصدرا للمخدرات المتجهة إلى أوربا، وغيرها.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مصدرا للإرهابيين الذين يتفجرون في جميع أنحاء العالم.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مكانا لممارسة السياحة الجنسية.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مجالا لممارسة دعارة الأطفال.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مجالا للاتجار في أنواع المخدرات الوافدة من جميع أنحاء العالم.
-
 وكفانا اعتبار المغرب مجالا لشراء الضمائر في مختلف المحطات الانتخابية.

فهل حان الوقت للتخلص من الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التيتسيء إلى مستقبل الشعب المغربي -ولن يتحقق هذا الا اذا خضع هذا الجهاز السري الخطير للمراقبة والمحاسبة وصار هناك قانون يُؤطر عمله هذا ويُحدد مهامه - ، 

أم أن دار لقمان  كمايقولون  ستبقى على حالها الى ما لا نهاية ؟

لادجيد

لقد طورت المخابرات أساليب ومناهج جمع المعلومات وتحليلها ، كما طورت وسائل التجسس كالعملاءوأجهزة التنصت ووسائل الاتصال والشفرات, وتغيّرت طرق خضوع المنتسب الى المخابرات لدورات تدريبيةفي المجالات الأمنية والثقافية والنفسية العسكرية والالكترونية. ..
فما هو موقع “لادجيد” ضمن هذا التغيير الجدري؟ وكيف نشأت وتطورت؟ وما هي وجوه نجاحها وفشلها في المهمات المنوطة بها؟

هكذا كانت البداية


اول رئيس مخابرات المغرب المستقل

في عهد الاستعمار كان الجيش الفرنسي هو المكلف بالمخابرات بالمغرب. وفي فجر الاستقلال ظل الفرنسيون قائمين
على المخابرات، آنذاك كان محمد عبد الرحمان بوريكات – والد الإخوة بوريكات بايزيد وعلي ومدحت الناجين من جحيم تازمامارت- يبعث تقاريره للملك الراحل محمد الخامس بواسطة زوجته آمنة العلوي بنت محمد الجيلالي الغربي – التي كانت تربطها علاقة قرابة بأسرة الملك بتافيلالت – وكان الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) دأب على إيصالها إلى البيت. إذ كان بوريكات الوالد حين يريد اللقاء بمحمد الخامس يرسل هذا الأخير نجله ولي العهد ليوصله بسيارته. كان الحسن الثاني يحضر مرارا إلى حي العكاري حيث مسكن بوريكات لنقله إلى غابة الوزير حيث يكون اللقاء بمحمد الخامس.
من هو محمد عبد الرحمان بوريكات؟
إنه تونسي الأصل حصل على الجنسية الفرنسية سنة 1927 ، ولد في تونس وبعد حصوله على الباكالوريا ذهب إلى تركيا وولج مدرسة عسكرية وتخرج منها، ثم عاد إلى مسقط رأسه وعمل في الجيش الفرنسي. وفي سنة 1926 رحل إلى المغرب وعمل في مجال المناجم في الشرق وقطن بمدينة وجدة، وبعد حصوله علي الجنسية الفرنسية ولج سلك الأمن، وعمل لفترة في وجدة، ثم زاول عمله كمترجم في ناحية فاس قبل التحاقه بالاستخبارات بنفس المدينة حيث تعرف على شخصيات وعائلات، وبعدها انقل إلى مدن أخرى ومنها الصويرة و أكادير ومراكش . في ظل نظام ” فيشي” الموالي للنازيين طُرد بوريكات من عمله، وبعد سقوط حكومة “فيشي” عاد إلى منصبه في إدارة الاستعلامات.
والمعروف عليه أنه عمل كثيرا في الظل إلى جانب الفرنسيين الأحرار المدافعين عن المغرب، وحين عاد الملك محمد الخامس إلى عرشه استدعاه وطلب منه العمل بجانبه وعينه في مكتب الفوسفاط باقتراح من المهدي بن بركة. وبعد مدة قصيرة في الفوسفاط، كلفه الملك بالاستخبارات الخارجية ومكافحة التجسس. وكان مكتبه في وزارة الدفاع بالمشور (تواركة)، غير بعيد عن مكتب مولاي الحسن ولي العهد حينها. آنذاك كان ولي العهد صديقا
للكوموندار مولاي حفيظ العلوي الذي لم يكن محمد عبد الرحمان بوريكات يثق فيه لأمور صدرت منه قبل الاستقلال وكانت تضر بالبلاد وعاهلها.
بقي بوريكات على رأس إدارة مكافحة التجسس إلى حين وفاة الملك محمد الخامس ، حيث لم يعد يتوجه إلى مكتبه وظل يتوصل براتبه الشهري باستمرار


 الكاب 1 


مشتل المخابرات المغربية الحديثة

يعتبر “الكاب 1″ منبع كل الأجهزة المخابراتية المغربية. فمنه انبثقت “الديسطي” و “لادجيد”، وكان الجنرال محمد أوفقير أو رئيس “للكاب 1″ الذي تأسس تحت إشراف المخابرات الفرنسية، لكن سرعان ما تكلفت المخابرات الأمريكية والموساد بإعادة هيكلته.
واعتمد “الكاب 1″ في انطلاقته على جملة من عملاء المخابرات الفرنسية، وبعض المقاومين الذين انخرطوا في الأمن الوطني. وعند توظيف عناصر جديد كان الاعتماد على القرابة والعلاقات، فمثلا الإخوان العشعاشي (عبد الحق و محمد)، كانا على علاقة مع أحمد أجداين، وإبراهيم أوفقير هو شقيق الجنرال، والماجي (البوليسي الطالب)، وصاكا عبد القادر وحليم محمد، كانت تربطهم علاقة وطيدة بأحمد الدليمي، في البداية كان تمويل “الكاب 1″ يتم بتخصيص ميزانية توضع في صندوقه الأسود يتصرف فيها الجنرال أوفقير بدون حسيب ولا رقيب (وكان قد كلف أحمد الدليمي بتدبيره)، وموازاة مع ذلك كان “الكاب 1″ يستحوذ على 75 في المائة من مداخيل دور الدعارة التي كانت دائمة الاشتغال بفعل حمايتها من طرف عناصر الجهاز، ولعدم إثارة الشبهة كانت إدارة تلك الدور والفنادق تعهد لبعض الفرنسيين بعضهم شاركوا بامتياز في عملية اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، وظلت أموال دور الدعارة تتهاطل على صندوق “الكاب 1″ فيما بين 1962 و 1974، يتصرف فيها القائمون على الجهاز بدون حسيب ولا رقيب.
في بداية سبعينات القرن الماضي – بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين – عرف جهاز المخابرات تغييرات جوهرية، بهدف مُراقبة الجيش ووضعه الملك الراحل الحسن الثاني عام 1973 تحت أدارة الجنرال أحمد الدليمي. إنها النشأة الفعلية لـ لادجيد

مهام “لادجيد” ورجالها وميزانيتها


يعود إحداث المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) إلى سنة 1973 بعد تحويل “الكاب 1″ وتفتيته إلى إدارة للمستندات والوثائق والمحافظة على التراب الوطني.
ومنذ إحداثها ترأس أحمد الدليمي “لادجيد” إلى حدود ثمانينات القرن الماضي، وبعده ظل كرسي رئاستها شاغرا إلى أن تم تعيين الجنرال عبد الحق القادري على رأسها الذي اضطلع كذلك بمهمة المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد لأسباب صحية كما تم التصريح بذلك آنذاك. ثم خلفه الجنرال عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية.
وعلى المستوى التنظيمي تظل اختصاصات “لادجيد” مرتبطة بالأساس بإدارة الدفاع، والتي يحددها القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية (الملك). ومنذ تأسيسها، ظل رؤساء “لادجيد” من العسكريين، وفي عهد الملك محمد السادس، ولأول مرة في تاريخ المغرب تم تعيين مدني على رأسها، ياسين المنصوري مكان وعوض الجنرال دو ديفيزيون أحمد الحرشي.
يعمل جهاز “لادجيد” خارج المغرب وداخله ويتخذ من الرباط مقراً رئيسياً، له عناصر موجودة في معظم البعثات الدبلوماسية للمملكة وبين مغاربة الخارج. وبعد هجمات الدار البيضاء في السادس عشر من مايو سنة 2003 باتت المخابرات المغربية جزءاً في الحرب على الإرهاب. يظل دور” لادجيد” الرئيسي هو استباق الأحداث التي لا تزال الدولة تتوجس منها بطريقة أو بأخرى. ارتبطت بالمؤسسة الملكية منذ إنشائها في 1973، حيث كان الهدف هو مراقبة عمل الجيش. وبعد هجمات الدار البيضاء ، أصبحت محور تركيز “لادجيد” الحرب على الإرهاب، والمعلومات الاستخبارية عن الأنشطة الإرهابية وأيضًا كل ما يخص قضية الوحدة الترابية (ملف الصحراء).
في واقع الأمر إن “لادجيد” مكلفة بالتجسس أينما كانت مصالح المغرب، كما انه مكلفة بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الخارجية في القضايا المشتركة. ويتوفر على مصالح خارجية خصوصا الملحقين الدائمين بالبعثات الدبلوماسية وهي تابعة لمصلحة المدير العام
كما تتوفر على ثلاثة أجهزة مخابرات تابعة للإدارة المركزية وهي مصلحة التنفيذ تابعة للسيد الزاوي وهو من أكفأ أطر الجيش المغربي ، مهمتها العمل في الميدان والتدخل السريع عبر فرق “كوموندو” من أجل الحفاظ على مصالح الوطن العليا وهي مصلحة تعمل بحرفية عالية . كما أن هناك مديرية مكافحة التجسس التي تعمل بشكل سري للغاية وفي صمت وسكون رهيب. وتتبع للإدارة المركزية لــ “لاديجد” ،مديرية الاتصالات وهي مصلحة مكلفة بتنسيق الاتصال وحماية الوسائط الاتصالية بين كافة مصالح الجهاز.
وتظل المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) تحت إمرة القصر الملكي مباشرة. وتشغل حاليا 1600 مدني و 2400 عسكري (5 في المائة منهم نساء)، هذا إضافة لفرقة عمل وتدخل، أناس غير مرئيين، مدربون ليظلوا نكرة لا يتعرف عليهم أحد، ويبلغ عددهم ما بين 250 و 300 فرد ينشطون داخل المغرب وخارجه (في إفريقيا، العالم العربي، أوروبا وآسيا). وتتوفر المخابرات المغربية حاليا على بضع مئات من العملاء في أوروبا.
وتظل الميزانية المخصصة لها في طي الكتمان، لكن يروج أنها تقدر بــ 10 مليار درهم سنويا، علما أنها تتوفر على صنجوق أسود لا يعلم خباياه إلا القائم على أمور “لادجيد”.
وحسب أكثر من مصدر مطلع، سبق لـ “لادجيد” أن نبهت واشنطن قبل 11 سبتمر 2001 عن إمكانية حدوث أعمال إرهابية بالتراب الأمريكي إلا أن المخابرات الأمريكية لم تل أي اهتمام لهذا التنبيه.
وعملت “لادجيد” على إقامة أكبر شبكة مخابرات في شمال إفريقيا “تكون الأقوى والأكثر تنظيما وفعالية ضمن محيطها”، وذلك لمواجهة التحديات الكبرى التي بات المغرب يعرفها في ظل التغييرات التي طرأت على الخريطة السياسية والأمنية بدول المنطقة. وذلك من خلال تدعيم قدرتها وتوسيع شبكتها وتقوية الدعم المخصص لها كي تغدو الأقوى في محيطه.
وأقرّت أكثر من جهة المديرية العامة للدراسات و المستندات بحاجة لمليار دولار سنويا لتنفيذ هذا المشروع وإنجاحه.
وفي تصنيف كان قد أصدره أحد المواقع الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية، فقد أورد جهاز “لادجيد” ضمن العشر الأوائل في العالم، فإذا كانت أجهزة المخابرات في الماضي ينحصر دورها في التجسس على دولة عدوة والتعرف على أسلحتها وعتادها، فإن عملها تطور في زماننا هذا أكثر وأصبحت أجهزة المخابرات حول العالم تشارك في وضع سياسات دول أخرى حليفة من أجل المحافظة على العلاقات الدولية وفي نفس الوقت المحافظة على مصالح الدولة الأم.
قبل ترأس ياسين المنصوري “دجييد”، كان هذا الجهاز ذا صبغة عسكرية ولكن هذا الأخير تجاوز ذلك فقام بدمج جميع الكفاءات من كل الوزارات سواء من الإعلام، المالية، الشرطة، الهندسة، الصحة، الداخلية وكل من له كفاءات ولو خارج الجيش لتوظيف مهاراتهم في مشروع إستخباراتي يجمع بين مكافحة التجسس الخارجي وجمع المعلومات الخارجية والاستعلامات العسكرية ومراقبة الشخصيات

المخابرات ورئيس الحكومة

كيف تتعامل المخابرات المغربية مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإلاه بنكيران على ضوء الدستور والتطورات السياسية التي تشهدها البلاد؟ هل تتعاون معه أم تراقبه؟
إنه تساؤل يشغل بال الكثيرين. علما أن اتخاذ القرارات في عصرنا الحالي – وأكثر من أي وقت مضى- أضحت تستند على تقارير أمنية واستخباراتية، هذا أن يغيب على الأذهان أن العلاقة بين الأجهزة الأمنية عموما وحزب العدالة والتنمية تميزت بالتوتر.
وحسب الدستور المغربي الحالي ، إن المخابرات ليست ملحقة بالوزارة الأولى بل مرتبطة بالملك بصفته رئيس المجلس الوزاري الذي من اختصاصه وفق الفصل 49 وضع التوجهات الاستراتيجية للبلاد والنصوص العسكرية وتعيين المدراء المكلفين بالأمن الداخلي باقتراح من رئيس الحكومة. وعمليا وعلى ضوء الممارسة السياسية ، إن الكلمة الأخيرة لتعيين مدراء الأمن بمن فيهم المخابرات تبقى للملك وليس لرئيس الحكومة لأن العملية مرتبطة بالمجلس الوزاري وليس برئاسة الحكومة.
وللإشارة ، لأول مرة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال، كانت المؤسسة الاستخبارية المغربية من بين المؤسسات التي تركزت عليها مطالب التغيير في الاحتجاجات التي شهدها الشارع المغربي، وطالبت حركة 20 فبراير بأن تصبح تحت المراقبة القضائية والبرلمانية

المخابرات المغربية والتجسس عبر الأنترنيت

اقتنت “لادجيد” برنامجاً يُعد من أهم ما ابتكر في مجال التجسس عبر الأنترنت، تستعمله لاختراق جميع أنواع البرامج المعلوماتية بما فيها الحواسيب الشخصية والاطلاع على كل المحادثات عبر الفايسبوك، و”سكايب”، والبريد الالكتروني وكل الوسائط التواصلية الالكترونية.
وحسب مصادر إعلامية مطلعة إن شركة ايطالية، هي التي باعت للمغرب التقنية الأكثر فاعلية في العالم لمراقبة ما يدور عبر العالم الافتراضي.
وحسب خبراء المجال الالكتروني، فان هذا البرنامج التجسسي، يُمكن الأجهزة الأمنية التي تسهر عليه، من تعقب كل صغيرة و كبيرة في مجال الجرائم الالكترونية، فضلاً عن أنها يمكن استعمالها في التحكم في ضرب حواسيب أو اختراق أخرى، بإرسال فيروسات       

                           رجل قانون يقود المخابرات العسكرية


ياسين المنصوري
ابن الفقيه رفيق دراسة الملك محمد السادس. إنه رجل الظل ورجل المخابرات الكثوم.
وحسب الكثيرين يبقى المنصوري الوحيد من أصدقاء الملك محمد السادس الذي لم يتورط في فضيحة اقتصادية أو سياسية. إذ يذكر أن عدد من المقربين من الملك جاء ذكرهم في تقارير فساد ومن ضمن ذلك، وثائق “ويكيليكس”.
من مواليد 2 أبريل 1962 بأبي الجعد بإقليم خريبكة، درس تعليمه إلي جانب الملك محمد السادس في المعهد المولوي صمن من يعرفون بجماعة “الكوليج رويال”، إنه أحد رفقاء الملك في الدراسة، وأحد عناصر المجموعة التي كانت تضم فؤاد عالي الهمة وحسن أوريد ورشدي الشرايبي وآخرين.
حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام من جامعة محمد الخامس بالرباط.
وكان ياسين المنصوري قد بدأ مشواره بديوان إدريس البصري، إذ كان معبرا أساسيا لمختلف الملفات الحساسة والشائكة، وقبل رئاسته لـ “لادجيد” خضع في بداية التسعينات لتدريب خاص خارج المغرب بمصالح الأمن الفيدرالي الأمريكي، وبعد رجوعه عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء مكان عبد المجيد فنجيرو، ثم كوالي مدير عام لمديرية الشؤون العامة مكان محمد اظريف، وشكل بمعية فؤاد عالي الهمة ومصطفى الساهل، الثلاثي القوي في وزارة الداخلية (الإدارة الترابية)، وقد اضطلع ياسين المنصوري بملفات كبرى من قبيل الإعلام والصحافة، والصحراء، والتهريب والهجرة السرية عندما عُيّن كوال مدير عام لمديرية الشؤون العامة إثر انتقال محمد اظريف إلى ولاية الدار البيضاء خلفا لإدريس بنهيمة. وسيشكل إلى جانب فؤاد الهمة ومصطفى الساهل ثلاثيا قويا داخل الإدارة الترابية. ودون شك فإن هذه الانتقالات منحت “لابن بلدة بجعد” خبرة أغنت مساره المهني، سيما وأنه عمل في مجالات كلها حساسة
ففي سنة 2003 تم تكليفه بتتبع قضايا الهجرة السرية وتهريب المخدرات وكلها قضايا ذات حساسية بالغة مع الجار الأسباني، وتشاء رياح المنصوري أن تحمل نتائج الانتخابات التشريعية الأسبانية الحزب الاشتراكي إلى سدة الحكم في مدريد وينجح المنصوري في وضع حد للعديد من الصعوبات التي كانت تواجه العلاقات المغربية الأسبانية، وهذا ما قوّى حظوظه في تبوء مكانة أكثر أهمية، لن تكون في نهاية المطاف سوى رئاسة “لادجيد” ليصبح أول مدني يقود هذا الجهاز البالغ الحساسية منذ إنشائه سنة 1973.
ساعدت المنصوري، طبيعة شخصيته وسلوك معاملاته، فملامح وجهه تفيد بأنه رجل دولة.. قليل الكلام، لا تغريه المجاملات.
وبتعيينه على رأس “لادجيد” قام الملك بـ”تمدين” هرم “لادجيد” (المخابرات العسكرية) علما بأنها إدارة عسكرية، علما أنه كان قد قام قبل هذا بـ “عسكرة” مديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المدنية) حين عين الجنرال حميدو لعنيكري ( قبل أن يأفل نجمه) ثم رقاه إلى موقع المدير العام للأمن الوطني على اعتبار أن “الديستي” خاضعة بحكم القانون إلى المدير العام للأمن الوطني. ويجدر التذكير في هذا الباب بأن إدارة الأمن الوطني سبق أن أشرف عليها منذ سنوات الستينات من القرن الماضي عسكريون كأوفقير والدليمي والوزاني

 على سبيل الختم

حسب العالمين بخبايا المطبخ الداخلي لـ “لادجيد”، ما يعاب على الاستخبارات المغربية بكل أقسامها، هو بالأساس قصر النظر وغلبة رد الفعل على الفعل.
وفي هذا السياق اعتبر الكثيرون أن “لادجيد” فشلت بشكل لافت في التكهن بالتطورات التي أخذها ملف الصحراء في التكهن بالتطورات. سيما و يفترض أنه من مهامها وضع مختلف السيناريوهات، خاصة الأسوأ منها لاتخاذ الخطط لمواجهة أي طارئ في قضية تعتبر مصيرية بالنسبة للمغاربة.
حسب هؤلاء أبانت عن قصور في فهم التطورات الجارية في نزاع الصحراء وخاصة الملفات التي فتحتها وتعمل عليها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر. ولعل الانتكاسات التي وقعت خلال السنتين الأخيرتين تؤكد هذا القصور في الرصد والفهم والتحرك وعدم القدرة على الاستقراء والتكهنّ.
ومن العلامات الدالة على هذا الفشل يمكن ذكر نجاح الانفصاليين في إقناع المنظمات الدولية بملف حقوق الإنسان وتحويله الى محور رئيسي لإضعاف المغرب، وتفوق جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في إنشاء لوبي قوي وسط البرلمان الأوروبي حقق منعطفا عندما نجح في إقناع البرلمان بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وربط تجديدها باستثناء مياه الصحراء من الاتفاقية ثم طرح اتفاقية الزراعة على أنظار القضاء، وخطأ المخابرات المغربية في الاكتفاء بالإطمئنان الى مقولة “المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة” حتى جاءت المفاجأة القوية من طرف “سوزان رايس”، وكذلك عجزها على إنشاء لوبي مغربي في دول الاتحاد الأوروبي، رغم وجود أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في دول أوروبا.
وقد برز هذا الفشل المدوي في وقت سجل تراجع مكافحة الإرهاب الذي كان يشكل موضوعا آنيا في أجندة “لادجيد” بحكم تواجد عناصر إرهابية مغربية في الخارج لديها ارتباطات بالداخل.
رؤساء “لادجيد
1973 – 1983
 الجنرال أحمد الدليمي
1983 – 2001
 الجنرال عبد الحق القادري
2001 – 2005
 الجنرال أحمد الحرشي
منذ 2005 محمد ياسين المنصوري

وللمخابرات العسكرية المغربية النصيب الأكبر في النكسات التي يتعرض لها ملف الصحراء في الخارج

حالة الاستنفار الدبلوماسي التي أعلنها المغرب بعد تقديم الولايات المتحدة مسودة  القرار الذي ينص على مراقبة قوات المينورسو حقوق الإنسان تكشف أن الرباط لم تكن تنتظر القرار واستبعدت تقديمه في البدء. وهذا يعكس أن جهازين رئيسيين في البلاد، جهاز الدبلوماسية وجهاز المخابرات العسكرية فشلا بشكل لافت في التكهن بالتطورات التي يأخذها ملف الصحراء، لكن في المغرب يستفيدان من غياب المحاسبة البرلمانية خاصة المخابرات.
في هذا الصدد، علمت ألف بوست أن السلطات المغربية بما فيها المؤسسة الملكية تفاجأت بخبر تقديم السفيرة الأمريكية سوزان رايس لمسودة قرار يتضمن تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان، وكانت أسئلة التعجب: يصدر هذا عن دولة نعتبرها حليفا. ثم تساؤل عتاب وغضب حقيقي، وأين مصلحة لادجيد من هذا، أين كانت؟
تحرك المغرب في الدقائق الأخيرة وبعد تحرير السفيرة رايس لمسودة القرار  تكشف بالملموس فشل الدبلوماسية والمخابرات في التكهن بالتطورات المقبل عليها ملف نزاع الصحراء. ويبقى الفشل أكثر من نصيب المخابرات التي يشرف عليها ياسين المنصوري لأنها المعنية برصد والتكهن بالتطورات
وعمليا، المخابرات العسكرية والتي تحمل اسم “الإدارة العامة للوثائق والمستندات” يفترض أنه من مهامها وضع السيناريوهات خاصة الأسوأ منها لاتخاذ الخطط لمواجهة أي طارئ لاسيما في ملف يعتبر القضية الأولى للمغاربة. ويفترض أنها تتوفر على الميزانية المالية الكافية،وهذا صحيح، وكذلك على “الخبراء الأكفاء” وهذا…
الإدارة التي يشرف عليها ياسين المنصوري أبانت عن قصور في فهم التطورات الجارية في نزاع الصحراء وخاصة الملفات التي فتحتها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر. ولعل الانتكاسات التي وقعت خلال السنتين الأخيرتين تؤكد هذا القصور في الرصد والفهم والتحرك، ولو كانت قد رصدت هذه التطورات لوضعت سيناريوهات الاحتواء ولساهمت في صناعة القرار  “الصائب” سياسيا ودبلوماسيا في نزاع الصحراء.
وأبرز الانتكاسات التي تعرضت لها المخابرات العسكرية في نزاع الصحراء تتجلى في:
-نجاح البوليساريو في إقناع المنظمات الدولية بملف حقوق الإنسان وتحويله الى محور رئيسي لإضعاف المغرب، مستغلا صمت وزارة العدل المغربية التي يرأسها مصطفى الرميد على الخروقات التي تقع في الصحراء ومستغلا الفكرة السادجة لدى وزارة الداخلية بأن “العنف المفرط” سيربي الصحراويين ويجعلهم لا يتعاطفون مع البوليساريو. ولعل عجز المخابرات المغربية يعود الى قصورها في إدراك الدور الذي أصبحت تلعبه الجمعيات الحقوقية الدولية في العلاقات الدولية.
-نجاح جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في إنشاء لوبي قوي وسط البرلمان الأوروبي حقق منعطفا عندما نجح في إقناع البرلمان بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وربط تجديدها باستثناء مياه الصحراء من الاتفاقية والآن يطرح اتفاقية الزراعة على أنظار القضاء.
-عجز المخابرات على رصد التطورات الجارية في أوروبا والكثير من دول العالم وأبرزها اعتراف البرلمان السويدي بالبوليساريو كجمهورية واحتمال قيام دول أخرى بالمثل وقد تكون الضربة قوية في حالة إقدام حكومة إيرلندا الشمالية على الاعتراف بالبوليساريو. وكمثال على هذا العجز، فشلت المخابرات ومعها الدبلوماسية في نشر مقال واحد في الصحافة السويدية يشرح موقف المغرب.
-العجز الفادح للمخابرات المغربية في التكهن بالتطورات التي تشهدها الولايات المتحدة وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على ملف الصحراء ومنها وصول جون كيري الى وزارة الخارجية، والاكتفاء بالإطمئنان  الى مقولة “المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة” حتى جاءت المفاجأة القوية من طرف سوزان رايس. ولم تدرك هذه المخابرات أن الضربات الصاعقة التي تلقاها المغرب في هذا النزاع كانت من الولايات المتحدة سواء في عهد الرئيس جيمي كارتر أو جورج بوش الإبن الذي كاد أن يفرض على المغرب مشروع جيمس بيكر الذي ينص على الحكم الذاتي لأربع سنوات ثم الاستفتاء.
-عجز المخابرات على إنشاء لوبي مغربي في دول الاتحاد الأوروبي، بل قضت على ملامح تشكيل أي لوبي رغم وجود أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في دول أوروبا عندما أشرفت بعقلية “القايد” و”المقدم” على تشكيل مجلس الجالية المغربية في الخارج، وكان همها استقطاب من يردد شعار “العام زين”.
ويصبح التساؤل حول دور وفعالية عمل المخابرات التي يديرها ياسين المنصوري أكثر  إلحاحا لسببين، الأول، تراجع مكافحة الإرهاب الذي كان يشكل موضوعا آنيا في أجندة هذا الجهاز بحكم تواجد عناصر إرهابية مغربية في الخارج لديها ارتباطات بالداخل. ويتمثل السبب الثاني في أن مجال تحرك البوليساريو وما حققه لم يتم في إفريقيا أو في معسكر سوفياتي مندثر ولا في السبعينات والثمانينات بل في الغرب أساسا الذي يتغنى المغرب بأنه حليفه الرئيسي وتجمع مخابرات هذه الدول علاقات طيبة بنظيرتها المغربية.
التطورات التي تشهدها البرلمانية على الفشل.  

الجهاز يستفيد من غياب المراقبة والمحاسبة

ورغم ان القضاء المغربي يراقب جميع الاجهزة مهما كانت لاكنه غير قادر على استدعاء افراد المخابرات المغربة  والتحقيق معهم لان هذا الجهاز السري رافض للخضوع تحت اي مراقبة من القضاء ويريد ان تكون مراقبة صورية فقط فيصبح القضاء المغربي غير مستقل وغير نزيه اما الحكومة المغربية الحالية فانها لاتطبق مقتضيات الدستور المتعلقة بالمسؤولية تساوي المحاسبة وعدم الافلات من العقاب كما جاء في مقتضيات الفصل الاول من الدستور بل تكرس وتؤيد الافلات من العقاب لنشاهد الدليل الذي يقدمه لنا القاضي المغربي محمد عنبر   الصحراء تكشف أن المغرب يفتقر لجهاز  استخباراتي قادر على وضع سيناريوهات احتواء الطوارئ المسجلة في هذا الملف، وهو جهاز يستفيد من غياب المراقبة والمحاسبة البرلمانية على الفشل.  

ورغم ان القضاء المغربي يراقب جميع الاجهزة مهما كانت لاكنه غير قادر على استدعاء افراد المخابرات المغربة  والتحقيق معهم لان هذا الجهاز السري رافض للخضوع تحت اي مراقبة من القضاء ويريد ان تكون مراقبة صورية فقط فيصبح القضاء المغربي غير مستقل وغير نزيه اما الحكومة المغربية الحالية فانها لاتطبق مقتضيات الدستور المتعلقة بالمسؤولية تساوي المحاسبة وعدم الافلات من العقاب كما جاء في مقتضيات الفصل الاول من الدستور بل تكرس وتؤيد الافلات من العقاب لنشاهد الدليل الذي يقدمه لنا القاضي المغربي محمد عنبر